خرج رياض بيه من مكتبه منفعلا للغاية ..
يشعر بكم اكتئاب و حرقة على أمواله الضائعة …
ماذا يفعل؟
قرض من البنك؟ .. و أي بنك سيعطيه سلفة مع تاريخه الأسود في هذه البلد؟!!! ..
يبيع الفيلا؟ .. و ماذا ستفعل فيلا على ألفين متر في هذه الأزمة الاقتصادية .. و بريستيجه … ماذا سيفعل به؟
خرج عصبيا للغاية ..
ركب سيارته كي يعود للمنزل و يجد حلا في هذا الأمر العسير ..
من الممكن ببعض الاتصالات يستطيع أن يخرج من هذه الأزمة ..
فله جمايل على الحكومة كثيرة .. من الممكن أن تخدمه اليوم ..
نعم نعم .. سيتصل بالوزير .. أسلم حل .. ينهب بعض الأموال و يخرج من تلك الأزمة .. و انتهى الأمر ..
تضاربت الأفكار في رأسه ..
لم يكن سائقه معه اليوم ..
كان يقود السيارة بسرعة شديدة .. فالتفكير سيقتله ..
لا … بل تلك الشاحنة التي أمامه هي ما سيقتله ..
اصطدام كبير .. و خرجت السيارة عن السيطرة ..
و انتهى مصيره في تلك الليلة في المشفى …
************************************
لا حول ولا قوة إلا بالله ..
هذا حال الشارع الوطني في هذا اليوم ..
أهذا الرجل الذي أرهب الحكومة و احتكر الكثير من موارد الدولة ..
يصاب بدائين في يوم واحد ..
يصاب بالإفلاس .. و يصاب بالشلل ..
قرأت نادين الخبر في الجرنال بعد أن أعطته لها جده دينا .. بدأت تخاف من تلك السيدة التي لا تأتي لها إلا بالأخبار السيئة .. بالإضافة إلى معاملتها الجافة لنادين ..
جرت نادين و سحبت حقيبتها و فتحت باب الشقة …
دينا: رايحة فين يا نادين .. مش هتروحي الكلية؟
نادين: كلية إيه بس النهارده .. أنا رايحة لبابي المستشفى ..
و قبل أن تغلق نادين الباب تذكرت شيئا مهما .. فالتفتت إلى دينا
نادين: ما تنسيش يا دينا إنك تقابلي علا النهارده و تقوليلها على إللي اتفقنا عليه
دينا: أوك يا حبيبتي .. ربنا معاكي ..
خرجت نادين هائمة .. ماذا تفعل .. أتتصل بوالدتها اليوم؟ .. لقد اتصلت بها البارحة .. ستقلق أمها بشدة ..
لا لا .. أكيد وصل لوالدتها الخبر .. فالخبر في الصفحة الأولى في الجرائد ..
تركت نادين تلك الفكرة بعيدا .. و جرت لتلحق بأول تاكسي أمامها ..
نادين: مستشفى الرحمة لو سمحت…
************************************
وصلت نادين إلى المشفى .. و جرت على الاستقبال و سألت عن حجرة والدها ..
لم تستطع الممرضة أن تخبئ فرحتها وتعجبها من رؤية نادين في المشفى ..فهي تلك الفتاة التي تحدثت عنها الجرائد منذ أيام .. هي أمامها الآن .. و لكن نادين ليس لديها وقت ..
صعدت نادين مع الممرضة إلى حجرة والدها .. و لكن كان ممنوع له الزيارة تماما ..
نظرت نادين إلى والدها من النافذة الزجاجية للحجرة ..
لا .. من المستحيل أن يكون هذا هو والدها ..
كل هذه أسلاك ووصلات موصلة به ..
كانت نظرة دهشة و صدمة في نفس الوقت مرسومة على وجه نادين ..
لم تشعر نادين وشفتيها تتحركان
بابي .. أنا بحبك أوى …
و أخذت تبكي من شدة الحزن على والدها ..
كانت حالته يرثى لها ..
جلست نادين على كرسي أمام الحجرة .. في انتظار أي طبيب تسأله عن حالة والدها ..
أتدرون؟ … لم يكن هناك أي زيارات أخرى له
أتدرون؟ .. لم يكن في حجرة كبيرة الحجم كما كان المتوقع ..
أتدرون؟ .. لقد حمله أولاد البلد الغلابة الذين أكل حقوقهم في سبيل المال إلى المشفى بأيديهم ..
ما نفعه في تلك اللحظة؟ … لا شيء
من معه في تلك اللحظة؟ .. لا يوجد غير ابنتها التي حرمها من كل حقوقها في سبيل سلطته و نفوذه ..
هذا هو حال الدنيا ..
مهما أعطت .. ستأخذ ..
و مهما تخيلت أنها معك .. ستنقلب ضدك ..
إلا من هدى الله بقلب سليم ..
No comments:
Post a Comment